تبدأ فصول هذه المأساة عندما فوجىء مدير النيابة برجل عجوز يدخل عليه مكتبه باكياً مذعوراً يرتعش من الخوف وفي حالة إنهيار شديد.
أخذ مدير النيابة يهدئ من روع الرجل العجوز وأحضر له كوباً من الماء حتى تهدأ حالته.
سأله مدير النيابة لماذا هذا البكاء؟ ولماذا هذا الخوف؟
هنا تكلم الرجل العجوز يرجو مدير النيابة أن ينقذه من ابنه مدمن المخدرات، فقد أفنى الرجل العجوز عمره في تربيته وكان المقابل أو الجزاء في النهاية بعد وفاة أمه الضرب والبهذلة والطرد من الشقة بلا رحمة.
ويكمل الأب العجوز مأساته والدموع تنساب من عينيه دون توقف والخجل يكسو وجهه، ويتساءل كيف تحجر قلب ابنه وتجرد من آدميته نحو أبيه.
لقد كان أمل الأب في الحياة ابنه، لم يبخل عليه بشيء كانت كل طلباته أوامر.
كان الأب يعمل ليلاً ونهاراً في وظيفة مدير عام في إحدى الشركات بالقطاع الخاص كانت كل أهدافه توفير إحتياجات الابن ورؤية البسمة على وجهه فهو الابن الوحيد المدلل الذي خرج به من الدنيا ليكون سنده في الحياة.
كان الأب ينفق عليه بلا حساب دون أن يلتفت أو ينتبه إلى تصرفاته أو يراقب سلوكه وكانت النتيجة تلف أخلاقه وفشله في دراسته حتى أنه حصل بصعوبة على دبلوم المدارس التجارية فقط، وحاول الأب بكل قوته وإمكاناته أن يكمل الإبن تعليمه الجامعي ولكنه رفض هذه الفرصة التي أعطاها له الأب بل إنه رفض العمل في أي مجال.
يضيف الأب العجوز إلى هذه المأساة أبعاداً جديدة حيث لاحظ الأب بمرور الوقت تصرفات ابنه الغريبة وخروجه المستمر للسهر خارج المنزل وإكتشف الأب من خلال هذه الملاحظة وبعد فوات الأوان عودة ابنه يومياً وهو غير واع لتصرفاته حيث كان مدمنا لكل أنواع المخدرات.
وعندما واجهه الأب بتصرفاته الغريبة وسهره كل ليلة إعترف الابن وصاح في وجه الأب: أن هذه حياته، يتصرف فيها كيف يشاء.
وأمام هذا السلوك الشاذ صفعه الأب على وجهه ولكن الابن بدلاً من أن يطلب الصفح من أبيه فقد سب الأب وكاد أن يفتك به، واسودت الدنيا أمام الأب بعد أن تأكد فشله في تربية الابن.
ومنذ تلك اللحظة بدأ الابن يبتز الأب ويستولي منه بالقوة على كل أمواله وبدأ يضرب أباه أمام الجيران مما أصاب الأب بالرعب والخوف الدائم من تجاوز ابنه وسوء أخلاقه.
عندما إستدعي الابن العاق بإتهامات والده له إعترف أمام مدير النيابة بكل هدوء أعصاب بإدمانه لكل أنواع المخدرات، الحشيش، والأفيون، والهيروين، والحبوب المخدرة أو المهلوسة، وصرح الابن لمدير النيابة بأن المخدرات قد دمرت عقله بسبب إهمال والده له وعدم رعايته منذ الصغر فالأب هو المسئول عن ضياعه، لأن كل همه كان جمع المال ولم يعترض إطلاقا في أي وقت من الأوقات على تصرفات الابن حتى سقط في سكة الندامة.
هنا أمر مدير النيابة حبسه لمدة خمسة وأربعين يوماً ومازال الابن حتى الآن محبوساً على ذمة المحاكمة.
المصدر: موقع ياله من دين.